تُعد مشاريع التخرج خطوة حاسمة في رحلة الطالب الخريج نحو تحقيق أحلامه وطموحاته المهنية، فلا يقتصر أمرها على إنهاء المتطلبات الدراسية بل هي اختبار حقيقي يكشف عن القدرات في تحليل المشاكل وابتكار الحلول، وفرصة لاستعراض القدرات والمهارات التي اكتسبها الطالب في مرحلة الدراسة ليطبقها في مشروع عملي يلمس الواقع ويحمل قيم علمية وعملية
ولعل الهدف الأبرز الذي تسعى إليه هذه المشاريع هو التأكد من أن الطالب قادر على تطبيق المهارات التي حصل عليها خلال المرحلة الجامعية وتنفيذها على أرض الواقع كما انها تحلي الطالب بأخلاقيات المهنة قبل التحاقه بسوق العمل.
ومن المتعارف عليه أنه يحق للطالب اختيار عنوان مشروع تخرجه في أي مجال من مجالات تخصصه بما يتناسب مع ميوله وقدراته ومدى معرفته بالموضوع.
الأمر كان مختلفًا مع كلية الإعلام جامعة صنعاء ففي الوقت الذي كان فيه طلاب قسم الإذاعة والتلفزيون وقسم العلاقات العامة والإعلان يرسمون أفكارهم وخططهم لمشاريع تخرجهم والتي تنوعت ما بين مواد فيلمية وثائقية أو استقصائية وحملات توعوية وإعلانية فوجئ الطلاب بقرارٍ يصفه البعض بالعشوائي والمستبد يقضي بتحويل مشاريعهم إلى ريبورتاجات إعلانية عن كليات ومراكز جامعة صنعاء وهذا الأمر يخالف ما تعلموه خلال سنوات التخصص خصوصًا قسم العلاقات العامة والإعلان.
“نِقاط” رصد ردود أفعال الطلاب حول القرار في هذا الاستطلاع.
يقول الطالب قاسم محمد (اسم مستعار) في حديثه “لنِقاط” أنه قرار جائر ووقته غير صحيح وهذا إن دل إنما يدل على عدم دراسة القرارات التي تصدر من رئاسة الجامعة خصوصًا أن القرار صدر قبيل انتهاء العام الدراسي للمستوى الرابع، ناهيك عن عدم مراعاة مشاعر الطلاب وأولياء الأمور الذين أنفقوا مبالغ مالية على مشاريع أبنائهم السابقة التي ألغيت بسبب القرار الجديد، ويضيف: أن من أهم الصعوبات التي واجهتهم هي تصاريح التصوير داخل الجامعة حيث تمت ملاحقة بعض المجموعات من قبل الأمن الجامعي، إضافة إلى صعوبة تكاليف الإنتاج من تصوير ومونتاج وإيجار معدات والتي تزامنت مع ضيق الوقت المحدد للإنتاج.
معول هدم
بالرغم من أن عمادة الكلية عرضت على الطلاب استخدام معدات التصوير الخاصة بالكلية، لكن تلك المعدات صنعت في القرن الماضي وتعمل بصيغة قد عفى عليها الزمن ولا تصلح لإنتاج أي عمل تلفزيوني حسب ما قاله الطالب “علي محمد” من جهة أخرى يقول أن هذا القرار يعتبر تدميرًا ومعول هدم لما تعلموه طوال أربع سنوات، فقد تعلم طلاب الإذاعة والتلفزيون أن الأفلام الوثائقية تمثل الواقع ويطلق عليها الأفلام الجادة وتتراوح بين 30 إلى 40 دقيقة وتتضمن المقابلات الشخصية التي تعزز الهدف العام من الوثائقي، إلا أن التعميم الصادر عن رئاسة الجامعة كان يقضي بعدم الالتزام بالقواعد العلمية التي درسها الطلاب ومنع وجود المقابلات إضافة الى تقليص المدة الزمنية إلى أقل من 10 دقائق، مما يعني أن الطالب يقوم بإنتاج أشياء تختلف عن تلك القواعد والأسس التي تعلمها خلال فترة الدراسة.
من جهة أخرى ترى الطالبة مريم احمد (اسم مستعار) أن هذا القرار سبب صدمة علمية كارثية لطلاب العلاقات العامة والإعلان، في حين أن طالب العلاقات يدرس قواعد التسويق وأسس الدعاية والإعلان ومهارات اكتساب العلاقات العامة لمختلف المجالات، وبعدها يتفاجأ الطالب بالقرار الذي يفرض عليه انتاج فيلم وثائقي بقواعد مختلفة عما يدرسه الطالب، هذا الأمر جعل طلاب قسم العلاقات العامة والإعلان يلجئون إلى طلاب الإذاعة والتلفزيون لمساعدتهم في إنتاج تلك الأفلام والسبب في ذلك يرجع إلى عدم خبرة طالب العلاقات في كتابة السيناريوهات وعدم معرفته بمراحل انتاج أي عمل تلفزيوني.
أدوات تجميل
يحمل هذا القرار الفائدة للجامعة من خلال تسخير جهود الطلاب في الترويج والدعاية لها وإضافتها لموقع الجامعة كونها إحدى معايير التصنيف العالمي للجامعات، إلا أنه في ذات الوقت يجعل خيال الطالب حبيس أسوار الجامعة لا يتعداها في إطلاق العنان لإبداعه وتألقه في صياغة أفكار أكثر جدية وواقعية تلامس واقعهم المعاش وهو بذلك يرقى لدرجة تجريد الطالب عن هويته الإبداعية في الإنتاج والعمل ليصبح إثر ذلك هوية لجامعة صنعاء حسب قول الطالب “غانم الصيادي”، ويضيف أن من أبرز الصعوبات هو زمن إعلان القرار والذي أتى بعد أن كان معظم الطلاب قد بذلوا جهودا وانفقوا أموالا في إعداد مشاريع تخرج وفقًا لأفكار كانوا قد عرضوها مسبقًا على مسؤولي الأقسام في الكلية وبموافقة منهم، بالإضافة إلى المتغيرات المستمرة في إصدار قرارات مستمرة كان آخرها قرار إضافة اسم رئيس الجامعة والترجمة إلى الأفلام بعد أن كان الطلاب انتهوا من العمل وتسليمه للإدارة المختصة وهذا يثقل كاهل الطلاب، ويؤكد أن هذا القرار يشعر الطلاب بالاستياء نتيجة تسخيرهم كأدوات تجميلية لتلميع رئاسة الجامعة ممثلة في أ.د القاسم العباس وجهوده التي أثمرت في استغلال الاخرين.
ويرى أن هذا القرار لا يتضمن المنفعة للطلاب كونه يفرض عليهم أعمالًا لا علاقة لها بتخصصاتهم على سبيل المثال طلاب العلاقات العامة والإعلان الذين لا علاقة للريبورتاجات بتخصصهم والذين بدورهم يحتاجون لمختصين خارجيين لمساعدتهم وهذا ما يحيل دون تنفيذهم لخلاصة الأربع سنوات.
بدون سلبيات
مشاريع التخرج هي أفكار جديدة والهدف منها أن يتخرج الطالب وهو فاهم ومستوعب ما درسه خلال الأربع السنوات، وهذا القرار يعوق حرية الرأي والتعبير ويقلل من إبداع الطلاب في ابتكار اعمال خاصة بهم ويضطر الطلاب لعمل دعاية وإعلان وترويج للجامعة دون أن يتمكنوا من نقد السلبيات حسب ما أكده دكتورة الإعلام بجامعة صنعاء “سامية عبدالمجيد الأغبري” ويقول أن تأثير القرار هو تجهيل الطلاب بالمجتمع وإبعادهم عن قضاياه، وحصر دورهم في إطار الجامعة فقط.
خسارة للمال
من جهة أخرى تقول الطالبة هدى عبدالله (اسم مستعار) أن هذا القرار تعسفي عكس ما تم دراسته خلال الأربع السنوات بالنسبة لقسم العلاقات، وتعتبر مشروع التخرج بهذه الطريقة خسارة للمال فقط دون الاستفادة العلمية خصوصًا أن طالب العلاقات لا يعرف كتابة السيناريو و الإخراج وهذا جعلهم يستعينوا باخرين لإنتاج العمل بالكامل، وتعتبر المشكلة الأكبر هي وقت المناقشة العلنية للمشروع، فحالها كحال البقية في القسم لا تعرف ماذا ستكون المناقشة وماذا ستجيب عليهم خصوصًا انه لم يكن لها أي دور في إنتاج المشروع وكذلك لا تعلم خطوات ومراحل إنتاج الربورتاج.
CV الريبورتاج
وبتحويل مشاريع تخرج الطلاب إلى ريبورتاجات إعلانية يقول الطالب حسن قاسم (اسم مستعار) أنه تقزيم للطالب وتقييد للقدرات والمواهب والامكانات التي تعلموها من خلال إصدار مشروع تخرج خاص وهو يعتبر كسيرة ذاتية (CV) للطالب يفخر به عند التقديم للعمل والوظائف ويعكس صورة إيجابية عن الطالب وعن قدراته ولكن الحال يختلف عندما يكون مشروع تخرجك فلاشه إعلانية لا تتجاوز مدتها عشر دقائق محصورة داخل إطار جغرافي محدد، ويضيف أن من أهم الصعوبات التي واجهتهم هي مرحلة جمع المعلومات والبيانات عن الكليات والمراكز إضافة إلى عدم تواجد الكادر البشري خلال مرحلة التصوير مما دفع الطلاب للاستعانة بطلاب من كليات أخرى أثناء التصوير.
دائرة مغلقة
ويرى الطالب الخريج “عمرو القديمي” أن هذا القرار حَجم قدرات ومواهب الطلاب لأنه وضعهم في دائرة مغلقة وطلب منهم فعل أشياء هو يريدها ولم يترك المجال لما يريده الطالب ويرجع ذلك إلى قصر النظر لدى متخذي القرار وتغليب حاجة الجامعة في الترويج لكلياتها ومراكزها ومواكبة التطورات مقارنة مع الجامعات الأخرى.
هنا نجد أنه إن لم يكن مشروع طالب كلية الإعلام يعبر عن فكره الخاص ولمسته وأسلوبه فلا يعتبر سوى مادة أكاديمية يتخلص منها الطالب للحصول على الشهادة، فعند حصر الكاتب أو الصحفي في كتابة مادة بشروط معينة لا يستطيع أن يطلق لخياله ولفكره العنان، ولا يستطيع أن يضع النقاط على الحروف حتى يصل للغاية الأساسية التي يريد الوصول إليها.
الملف الشخصي للكاتب
- كاتب وصحفي - خريج كلية الإعلام
آخر مقالاته
- تقريريوليو 14, 2024الشضوية… وجبة اليمنيين الربيعية
- آراء وتحليلاتيوليو 14, 2024ترشح للعديد من الجوائز العربية “سطل” وإعادة الحياة لمباني صنعاء
- تقريريوليو 14, 2024بسبب النقل والتخزين الرديء أشعة الشمس تسرق غذاء اليمنيين
- تحقيقيوليو 14, 2024بضائع وهمية وخسائر حقيقية.. البحث عن الصفقات الرابحة في مصيدة الاحتيال الإلكتروني