Image
  • Home
  • تحقيق
  • بضائع وهمية وخسائر حقيقية.. البحث عن الصفقات الرابحة في مصيدة الاحتيال الإلكتروني

بضائع وهمية وخسائر حقيقية.. البحث عن الصفقات الرابحة في مصيدة الاحتيال الإلكتروني

في أحد الأيام اثناء التصفح على منصة فيسبوك ظهر لي كرسي “عش البلبل” بسعر مغري 200 ريال سعودي فحاولت التواصل مع ذلك الحساب على الخاص وكان الرد سريع، وبعد التواصل والاتفاق على اللون وبقية المواصفات وكذلك السعر وموعد التوصيل طلب مني تحويل المبلغ ليتم الشحن وبعدما استلم المبلغ المالي تفاجئت بأن الرقم أصبح مغلق ولا يرد حتى على الرسائل النصية.

بهذه الكلمات تسرد عائشة أحمد (اسم مستعار) دكتورة طب الاسنان بجامعة صنعاء قصة تعرضها للاحتيال عند الشراء عبر الانترنت من قبل شخص يسمى سند الجابري في منشورة داخل مجموعة متجر صنعاء على الفيسبوك، والذي يوضح تواجده في محافظة عدن.

في الآونة الأخيرة تزايدت منصات البيع عبر الانترنت بشكل كبير جدًا خصوصًا مع التحول الرقمي التي تنتهجه الدول والشركات في تحويل تعاملاتها إلى التعامل الرقمي، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فقد بلغ عدد المتاجر الإلكترونية في العام 2020 من 12 _ 24 مليون موقع تجاري إلكتروني وبلغ حجم التجارة الإلكترونية ما يقارب 6.8 ترليون دولار في العام ذاته، ولكن رغم هذا يزداد خطر النصب والاحتيال عبر بعض المنصات والمواقع مجهولة المصدر والعنوان في ظل انعدام الوعي والمعرفة بهذه المخاطر.

 وتتنوع صور الاحتيال عبر الانترنت بطرق عدة مثل الجودة والمقاس وسرعة التوصيل إضافة إلى الخطر الأكبر وهو أن تلك المنصات تبيع الوهم.

صفحات شخصية

الأمر لا يقتصر على منصة فيسبوك فقط او على تلك المنصات الوهمية بل أنه شائع في أغلب منصات التواصل الاجتماعي وقد يكون على شكل صفحات شخصية وهذا ما يوكده يوسف غالب (مصمم جرافيك) حيث يقول إنه في أحد الأيام شاهد إعلان في إحدى الصفحات على انستقرام تسمى (متجري ون) وكانت تروج للعديد من المنتجات وبأسعار مناسبة، ولاحظ أن الصفحة تبدو نشطة في هذا المجال مما أعطاه الثقة التامة.

ويضيف أن من تلك المنتجات كان هناك شاشة ذكية وبسعر 150 ريال سعودي وبعد التفاوض معهم طلب مني إيداع نصف المبلغ إلى حسابه والنصف الاخر عند التوصيل، ولكني اودعت المبلغ كامل لأن زمن التوصيل حسب الاتفاق كان لا يتجاوز ثلاث ساعات، بعد مضي الوقت المحدد تواصلت بالرقم فأجابتني فتاه وأبدت استغرابه بان الطلب لم يصل حتى اللحظة وأغلقت الهاتف، بعدها انتظرت لليوم التالي وعاودت التواصل بالرقم إلا انه كان مغلق، وبعد زيارة للصفحة التي طلبت منها تفأجئت بانني محظور وهنا بدأ الخوف في داخلي، ودخلت من صفحة صديقي فاذا بي اشاهد أن عمر الصفحة لا يتجاوز ثلاثة أيام هنا أدركت أنني وقعت في عملية نصب.

الجدير بالذكر أن هذه الأرقام والصفحات تغلق او تحذف مباشرة بعد أن يتم الإيقاع بالضحية وهذا ما حدث مع يوسف الذي يقول أن الصفحة حذفت بالكامل وبعد محاولة البحث من قبل معد التحقيق لم يجد أي اثر للصفحة على منصة انستقرام وبعد محاولة التواصل على رقم الهاتف كان يرد مغلق وحاولنا البحث عن الرقم في تطبيق كاشف الأرقام إلا أن الرقم لم يظهر.

أرقام مستعارة

تعد ظاهرة الاحتيال عبر الانترنت واحدة من أكبر التهديدات التي تواجه المستخدمين والمؤسسات على حد سواء ومع مرور الأيام تظهر طرق جديدة للاحتيال والاستحواذ على المعلومات والبيانات ومن تلك الطرق التي يستخدمها المحتالون هي استخدام ارقام الهواتف المستعارة، فيقومون بالتسجيل على تلك المواقع والمنصات بأرقام هواتف وهمية او بأسماء غير صحيحة ثم يتخلصون منها بعد تنفيذ العملية.

وبحسب علي مغني مختص المواقع الرقمية يقول: هذه الممارسات تجعل من الصعب تتبع المحتالين والوصول إليهم فبمجرد انتهاء العملية يتخلصون من تلك الأرقام ولا يتركون أي آثر خلفهم للوصول إليهم، ويضيف هذا الأسلوب يشكل تهديدًا كبيرًا للجهات المعنية بمكافحة الجرائم الإلكترونية فالمحتالون يظهرون مهارة عالية في إخفاء هويتهم وهذا يعقد عملية الملاحقة القانونية.

تستر بذريعة الخصوصية

الأمر لا يقتصر على أرقام الهواتف فقط بل هناك مشاكل عدة يواجها الضحية منها عدم تعاون شركات الصرافة والتحويلات في تقديم المعلومات اللازمة عن المحتال مثل مكان وزمان استلام الحوالات، وفي هذا السياق يقول علي الذاري خبير الجرائم المالية والاقتصادية غالبًا ما ترفض تلك الشركات تزويد الضحايا او الجهات الأمنية بتفاصيل عملية الصرف التي استخدمت في عملية الاحتيال وذلك بحجة الحفاظ على خصوصية العملاء والمحافظة على سرية البيانات المالية.

وهذا ما تؤكده “عائشة” حيث تقول بعدما انغلقت كل السبل للوصول إلى المحتال ذهبت لمحل الصرافة لمعرفة من اين استلم مبلغ الحوالة ورفضت الصرافة اعطائي أي معلومات عن مكان الصرف إلا أنه اكتفى بقول انها استلمت من صنعاء وهذا يظهر عكس ما كان يقوله المحتال انه يقيم في عدن.

من جهة يقول (الذاري) أنه من الضروري إيجاد توازن بين حماية خصوصية العملاء وتقديم التعاون اللازم مع الجهات الأمنية، فشركات الصرافة عليها واجب أخلاقي ومجتمعي في المساعدة على ملاحقة المحتالين وإنقاذ ضحاياهم من خسائر فادحة.

انتحال

تتنوع الوسائل والأساليب التي يستخدمها المحتالون في تنفيذ خططهم، فلا يقتصر الامر على تلك العروض الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي لمنتجات وخدمات بعروض مغرية او تلك المواقع الإلكترونية المزيفة التي تنتحل شخصية متاجر شرعية بل يصل الأمر إلى اختراق حسابات العملاء ومعرفة معلوماتهم وكذلك بطاقات الدفع المسبق إلى جانب تقديم سلع مقلدة للعلامات التجارية باستخدام صور مسروقة لتلك المنتجات وذلك لخداع الضحايا وايهامهم بأنهم يشترون من متاجر شرعية.

ويقول عمار هبة مختص الامن السيبراني أن من اهم الأسباب التي أدت إلى تزايد هذه الظاهرة هو ازدياد شعبية التسوق عبر الانترنت وهذا يوفر للمحتالين العديد من الفرص لتنفيذ احتيالاتهم، إضافة إلى كثرة المواقع الوهمية وصعوبة التحقق من صحتها قبل الشراء، ويضيف أن عدم وجود سياسة ارجاع واضحة لتلك المتاجر يعد عامل أساسي في زيادة الاحتيال وهذا يجعل من الصعب على الضحايا استعادة أموالهم إذا تعرضوا للاحتيال.

غياب القانون والوعي

يزداد الأمر سواء عندما نجد أنه لا يوجد قانون صريح وواضح يجرم هذه الظاهرة ويلاحق مرتكبيها حيث يقول “هبة” انه لا يوجد قانون في اليمن يختص بالقضايا والمشاكل الإلكترونية، وأن هناك قصور وتراخي في اصدار القوانين والتشريعات التي تحكم السيطرة على الفضاء الإلكتروني حتى اللحظة، وأشار إلى أن الجمهورية اليمنية بصدد اعتماد وإصدار قانون الجرائم الإلكترونية خلال الفترة القادمة، وهذا قد يساهم بشكل كبير في التخفيف من هذه الجرائم والاحتيالات، وفي ذات السياق يشدد “هبه” على الجهات المختصة والمجتمع المدني على ضرورة نشر الوعي بمخاطر الاحتيال عند الشراء عبر الانترنت ويضيف أن كبار السن والأطفال هم الأكثر عرضه لهذا الأمر نتيجة قلة الوعي بتلك المخاطر.

الملف الشخصي للكاتب

زياد الضيفي
زياد الضيفي
كاتب وصحفي - خريج كلية الإعلام

Scroll to Top