Image
  • Home
  • إضاءات
  • الأدب والعالم المحيط… الخطاب الأدبي وأهميته في الوقت الحاضر

الأدب والعالم المحيط… الخطاب الأدبي وأهميته في الوقت الحاضر

“الأدب في الوطن العربي ما زال يسير في الطريق الصحيح ويساهم في التطور والتمدن الحضاري.” هكذا يقول الأديب والناقد اليمني علي أحمد قاسم، عضو نادي القصة واتحاد الأدباء اليمنيين في حوار له مع “نقاط”.

يعد الأدب من أهم مجالات الثقافة الذي يساعد في تنوير المجتمعات ونشر الأفكار التي تدعم التطور الحضاري فنجد أن بعض الدول لم تشتهر إلا من خلال الأدب الذي تقدمه للعالم بالإضافة إلى أن الأدب أحد الفنون التي تهتم بالكلمة كجزء هام في التعبير عن الأفكار وتغيير الرأي العام بطريقة مشوقة وغير مباشرة تجذب القارئ المثقف وتثير اهتمامه.

أداة تعبير

بدأ الأديب والناقد الأستاذ علي أحمد قاسم حديثه بتعريف الأدب من وجهة نظره، وهو كل ما يُكتب بشكل فني ويخاطب المشاعر والفكر وقضايا الإنسان، ويدخل في باب الأدب كل ما يتعلق بالفكر، وهو كل ما يعبر عن المشاعر بطريقة تجد فيها الصور والتعابير بطريقة مختلفة وتقنيات خاصة.

وتأتي الحاجة إليه كونه أداة للتعبير عن المشاعر والأفكار والقضايا المختلفة، فالإنسان كائن مسجون والأدب ساحة ومجال رحب واسع للتعبير عما يعيشه ذلك الإنسان ويمر به، كما يقول الأديب والناقد، والأدب يعيد صياغة الحياة بفكر جديد وهو مهم للتعبير عن القضايا والهموم المختلفة، فمن خلاله ربما طرقت الكثير من القضايا وعلى أساسها ربما أصلح المعوج ولو بطريقة تدريجية، سواء على المدى القريب أو البعيد، فالأدب ينور الفكر ويحل المشاكل.

تطور الأدب

يقول الكاتب والناقد أن العصر الجاهلي كان بداية الأدب العربي متمثلا بالشعر والخطابة والحكم والأمثال وغير ذلك، وقد تميزت القصيدة الجاهلية بوحدة القافية والقوة والجزالة والصورة الجزئية.

أما في العصر الإسلامي فقد ارتبط الأدب بالقرآن الكريم وبالفتوحات، فكانت القصيدة سهلة الألفاظ ثم بدأت تتطور في العصر الأموي ونضجت وصارت قوية أكثر حيث تناولت مثلًا أغراضا جديدة تختلف عن الأغراض القديمة، كالنقائض والغزل العذري

أما في العصر العباسي فقد تطور الأدب كثيرًا وظهر فيها الكثير من الأدباء والشعراء الذي أخذوا شهرة واسعة وصاروا من أعلام اللغة العربية والأدب العربي ككل.

ثم في العصر الأندلسي ظهرت الموشحات، وهذه تطورت من ناحية الموسيقى من ناحية البحور الخفيفة ارتباطًا بالغناء ارتباطًا بالحضارة الجديدة

أما بالنسبة للعصر الحديث فقد تأثر الأدب بثلاثة أمور حتى صار على حالته هذه، ومنها: الاتصال بالآخر، وكذلك الترجمة، وأيضًا تأسيس المدارس الأدبية، فجاء الشعر التمثيلي والوطني والواقعي والرومانسي

وتطور كذلك في مجال الرواية والمقالة والمسرحية حتى أصبح للأدب فصولا متعددة، غير ما كان في العصور السابقة.

وقد أوضح الكاتب في حديثه أن الأدب رغم هذا ما زال يسير في الاتجاه الصحيح بالاعتماد على غايته التي جاء من أجلها، خاصة إذا كان محايدا ومستقلا، يبحث عن الحقيقة ويعبر عن قضايا الإنسان، ويؤدي وظيفته على أكمل وجه.

أدب الشباب

هناك من الشباب من سيرفد الأدب ويكتب إضافة جديدة لصالح الأدب، لأنه يكتب بجدية ويمتلك أدوات الكتابة. هكذا يقول الكاتب في حديثه لنقاط فيما يتعلق بالشباب الأدبي، ويضيف أن هؤلاء الشباب سيدعمون بالتأكيد ويعتبروا رافدا واستمرارية للأدب

ولكن – حسب رأيه – هناك من الشباب من يبيع لنفسه الوهم نتيجة لهذا الغثاء في وسائل التواصل الذي أتاح للجميع فرصة الكتابة دون تصحيح نقدي وتصحيح مسار.

ويتحدث الكاتب عن الكتب والكتّاب الذين ليس أي صلة بالأدب باعتبارهم مشكلة على الأدب الحقيقي، فيقول أن ما يكتبونه خارج عن الأدب أو ادعاء للأدب وذلك لأن الأدب اشتغال على النفس، قراءة وتدريب وممارسة، وتشترك فيه الموهبة والهواية وتقييم الذات، فمن الشجاعة أن يقدم الشاب المبدع كتابه للنقد حتى يصحح مساره ويقيم موضعه ومكانه من الأدب.

تراث وطني

مما يراه الكاتب علي أحمد عبده في الأدب، أنه نوع من التراث الذي يرتبط بأمة أو بشعبٍ بعينه، وذلك لأن الأدب مثله مثل غيره، يبحث عن الخلود ويبحث عن الحقيقة وهو جزء من التراث الفكري الذي يستمر على مدى الأيام، حيث يبقى طويلا هو ورواده فنرى من الشعراء ما يعد تراثا خالدا عربيا، ولكن هذا تراث خالد فعلي ويظل حيا ما بقي من يشهره، لذلك لا يختلف الأدب عن غيره من التراث، فنحن – كما يقول الكاتب – ما زلنا نتداول إلى الآن قصائد ونصوص وكتب تراثية لدرجة أننا نستشهد بها وندرسها وتظل أساسا من أساس التاريخ المعرفي، ومصدرا من مصادرنا التراثية التي لا غنى عنها سواء كانت شعرية أم نثرية، مادية أم بلاغية  لغوية أم فلسفية وتاريخية.

وربما ما هو جديد اليوم حسب رأي الكاتب سيتحول إلى تراث، فالأدب يظل تراثا فكريا خالدا لا غنى عنه، ومتراكما نسير على خطاه حسب تطور الحاضر والظروف التي يفرضها الزمن بجدته.

أجناس مختلفة

بطبيعة الحال الأدب ليس نوعا واحدا ولا طريقا واحدة، وإنما هو مجموعة من الأنواع والأساليب المختلفة يستخدمها الأدب للتأثير في النفس البشرية، ولكل نوع أدبي خصائص تميزه عن غيره، ولكل نوع أسلوب خاص في إيصال الفكرة ولمجموعات مختلفة من القراء، فهناك من ينسجم للشعر وهناك من ينسجم للنثر والروايات والقصص القصيرة، وقد رتبها الكاتب حسب قدرة كل نوع في ترك أثر في نفس القارئ وفي أكثر من غرض إذ أن بعضها تركز على الهدوء العاطفي وبعضها تركز على التحفيز والحماس للشعور بالنشوة أو الغضب، وهكذا.

وقد رتب الكاتب الأنواع الأدبية فبدأها بالشعر باعتباره أحد الجذور المهمة للأدب وهو أصل للكثير من الأنواع، وله قيمة كبيرة في العالم والوطن العربي، ثم القصة والرواية لقدرتها على إيصال الفكرة ومناقشة القضايا العصرية بشكل جديد ومختلف عن الشعر، وذلك دون تقيد أو تكلف ولكن يبقى لها عناصرها والتزاماتها الخاصة، إلا أن ذلك قد يرتبط بالأديب بشكل أكبر، ولكل أديب فن خاص وأسلوب يساعده في إيصال الفكرة، إلا أنه ليس بإمكان الأديب أن يعبر عن كل فكرة كما ينبغي. فما زال هناك أديب وهناك فنان، والفنان هو من يستطيع إيصال الفكرة إلى المتلقي بفنية عالية، وما ترك في القارئ أثرا هو من أوصل له الفكرة. فقد نقرأ الكثير وننسى دون أن نجد الأثر وهذا يرجع أسبابه إلى مشكلة في موهبة الكاتب ما لم يكن بسبب قراءتنا السطحية للنص.

ويضيف الأستاذ “علي أحمد قاسم” في حديثه لنقاط وفيما يتعلق بالأدب في اليمن بشكل خاص: أنا أعتبر الشعر في المرتبة الأولى لأن أصله يمني ونحن في اليمن لنا باع طويل في الشعر من عند امرئ القيس في العصر الجاهلي إلى البردوني والمقالح في العصر الحديث، فتراثنا عريض وكبير وتاريخنا مشرف في المجال الشعري والآن نحن ننافس في مجال القصة والسرد وتأتي بعد ذلك الخواطر ثم النقد فعلم اللغة.

وقد لا يرتبط التأثير في المتلقي وإيصال الفكرة بالنوع الأدبي فقط، كما يقول الأستاذ علي، إذ أن ذلك كله ما زال بحاجة إلى أديب محترف سواء كان شاعرا أو قاص.

إصلاح اجتماعي

للأدب حسب رأي الكاتب دور كبير في الإصلاح والتغيير في الكثير من قضايا الحاضر، فهو من الناحية الفردية ينهض بمشاعر الإنسان للتأمل في العالم المحيط ويثير إدراكه إلى أهمية الجمال، وهو مثلا قد يدعو الإنسان للتأمل في وردة جميلة والوردة بدورها تدعو لكتابة قصيدة وهذا بدوره يدفع أكثر إلى إدراك أهمية وجود شارع جميل يسر الإنسان كلما نظر إليه، وهكذا يدعو إلى بناء شوارع جميلة وبنايات فنية مدهشة ومختلفة حتى يصبح هناك وطن جميل وحضاري بمشاعر نظيفة وأحاسيس مرهفة.

والأدب من الناحية المجتمعية يساهم في تغيير الرأي العام والصور النمطية الخاطئة وهو يحذر المجتمع من كل السفاسف التي قد تنال من القيم والأخلاق باسم الحداثة والتحرر، وهو ينور المجتمع فكريا وينهض به من جميع الجوانب، ويجعله واعيًا بكل ما يحدث حوله، ومن ذلك الغزو الفكري والثقافي الذي يخل من العادات والتقاليد ويطمس الهوية.

ويأتي دور الأدب في تغيير الرأي العام في مخاطبة النخبة المثقفة التي قد تؤثر في المجتمع المحيط به، فالمثقف يؤثر في الأمي والجاهل والمتخلف، وهو بهذه الطريقة يخوض معركة مستمرة في سبيل التنوير بأهدافه السامية للرقي بالعالم، وهو الذي يصنع الحقيقة ويدعو للعدل والمساواة.

وقد حاول الأدب تحت الإطار إيصال رسالته الإنسانية والعربية الدفاع عن القضية الفلسطينية والتأثير في الرأي العام وما زال يمضي في سبيل ذلك كما يقول الكاتب علي أحمد لنقاط “إن الأدب منذ عام النكبة قد وقف بكل أجناسه ووسائله مع القضية الفلسطيني، وأنه بكل اتجاهاته الشعرية ومذاهبه المختلفة قد قال قولته في مناصرة الشعب الفلسطيني، ولا سيما في مجالي الشعر والرواية، حتى أصبح للقضية الفلسطينية أدب مستقل باسم أدب المقاومة، وهو أدب كثير ووافر وسيبقى مناصرا للقضية ما دامت فلسطين محتلة.”

الملف الشخصي للكاتب

عبدالغني الأهدل

Scroll to Top