“لا نقول وداعًا بل ننتظركم على منصات bbc نيوز عربي حيث سيبقى صوت bbc” بهذه الكلمات أختتم الاذاعي القدير محمود المسلمي أخر بث لإذاعة bbc بعد مشوار أستمر لأكثر من 80 عام في تغطية جميع الأحداث العالمية وبثها إلى كافة أرجاء العالم بعدة لغات، لتتوقف عن المحطة الإذاعية والتوجه نحو البودكاست.
مع نهاية العقد الثاني من الألفية الثالثة تقريبا كان لمخرجات ثورة التكنولوجيا الرقمية والافتراضية العديد من وسائل الإعلام ومنصاته وفضاءاته اللافتة زخما وتفاعلا وتعاطيا معها من قبل أصحاب الكلمة او من هواتها او حتى من الإنسان العادي التواق الى لغة التعبير والتنفيس عما يجول في خاطره في محاولة لكسر قيود حرية الرأي والرأي الآخر في المجتمعات العربية ومنها اليمن خاصة أن وسائل الإعلام التقليدية من إذاعة وتليفزيون وصحافة كانت حكرا على الجهات الرسمية إلى جانب بعض وسائل الإعلام الخاص وإن بقيت تحت قيود وضوابط كسياسة محدودة الهدف والغاية ومع هذا التطور ظهر البودكاست كمحاولة لكسر القيود المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية.
الحرية والعفوية
البودكاست هو أحد وسائط الإعلام الجديد “الرقمي” الذي يستخدم الصوت كعنصر أساسي مع إضافة الوسائط المرئية ويصل إلى الناس عن طريق الاشتراك في المنصات الخاصة بالبودكاست على اليوتيوب أو عن جوجل بودكاست حيث لاقى صدى واسع في الانتشار وتقبل من قبل الجمهور في كافة أنحاء العالم.
في السنوات الأخيرة، شهد اليمن نموًا ملحوظًا في صناعة البودكاست، حيث أصبحت هذه الوسيلة الإعلامية الجديدة طريقًا بديلاً للشباب والمثقفين للتعبير عن آرائهم وطرح قضايا المجتمع بشكل أكثر تفصيلاً وحرية ليبرز البودكاست كمنتج إعلامي بديلًا للإذاعة حيث لاقى تفاعلًا من قبل الجمهور اليمني مما جعل صانعي المحتوى انتاج العديد من البرامج وبثها على منصات البودكاست.
هذا الاهتمام المتزايد يرجع إلى عدة أسباب منها سهولة الوصول إلى البودكاست وطبيعته العفوية والتلقائية جعلت منه أداة قريبة من الناس إضافةً إلى تناوله قضايا اجتماعية وثقافية وفكرية وحقوقية تهم المجتمع اليمني بطريقة بسيطة وجذابة والتركيز على القضايا المحلية مما أدى إلى جذب الجمهور تجاهه.
استثمار أقل
يقول “أسامة عادل” صانع محتوى بودكاست أن سوق البودكاست سيشهد تطوراً وانتشاراً واسعًا في المستقبل القريب، وذلك لعدة أسباب منها انخفاض تكلفة الإنتاج: بعكس وسائل الإعلام التقليدية مثل الإذاعة والتلفزيون والصحافة المطبوعة، فإن تأسيس منصة للبودكاست يتطلب استثماراً أقل، حيث يكفي مكروفون واحد أو اثنين وجهاز كمبيوتر محمول لإنشاء محتوى صوتي إضافةً إلى إمكانية الإنتاج المنزلي فقد نجح كثير من الشباب في إنتاج بودكاست من منازلهم بإمكانيات بسيطة، دون الحاجة إلى تجهيزات إنتاجية احترافية وهذا ما يسهل انتشار البودكاست وتنوعه.
المشاهدات والجودة
ويتابع حديثه أن نسبة المشاهدة لا تعكس بالضرورة جودة المنتج أو جودة المحتوى فقد نرى محتوى جاد ويتحدث عن حقائق ووقائع وأشياء مهمة تحاكي الواقع ولا تحظى بمشاهدات بقدر الجهد المتعوب عليه في المقابل نجد محتوى ساخر أو كوميدي وقد يصل الى مستوى التفاهة فنرى ملايين المشاهدات لذلك نسبة المشاهدات ليست معيار لجودة المحتوى.
هنا نجد أن البودكاست سيصل الى نفس مستوى التأثير الذي كانت الإذاعة ترسمه في وجدان الناس لأن أثرها كان يشكل وعيهم ويرتقي بذائقتهم وهذا ما نلاحظه ونريد من البودكاست أن يهتم بمحتواه وتنوعه وقربه من هموم الناس وأوجاعهم كما كانت الإذاعة حسب ما تقوله المذيعة “سامية العنسي”
وتضيف أن مستقبل البودكاست في اليمن سيتحقق بأثره وتأثيره الإيجابي إذا تم صياغة العديد من خواص نجاحه عبر إعداد مقدّميه إعداداً متكاملا واختيار ذوي الموهبة الحقيقية والشغف للمهنة وحب الاجتهاد والبحث عن المعرفة والإلمام بمعايير الكلمة ودلائلها لرسم محتويات هادفة بين مسامع الناس وقلوبهم والابتعاد عن محتويات بعض الوسائط التي زادت من تدهور الوعي المجتمعي وانحسار دور المعرفة والثقافة لتتصدر مشهد تلك الوسائط موضوعات ورسائل هشة في سمائها بحجة الترفيه والواقعية لتلك العوالم الافتراضية ومن المهم أن نعلم جميعا أن الكلمة تربية جمالية وفكرية وأن الكلمة تعليم وتهذيب ومحبة وارتقاء وعلى البود كاست أن يشكل مستقبله على أساسها.
الملف الشخصي للكاتب
آخر مقالاته
- تقريريوليو 26, 2024ذوي الحكمة(المجانين) مرمى لسخط المجتمع.
- أهم المقالاتيوليو 17, 2024أثير جديد يحتل الإذاعة… البودكاست صوت الإعلام الحديث
- تحقيقيوليو 15, 2024“من مساحات مصممة لراحة المشاة إلى أماكن مهملة… التحول المؤسف لجسور وأنفاق المشاة”
- طاولةيوليو 14, 2024أنتِ كفيفة ولن تفيدينا في هذا المجال.. حياة الأشموري أول كفيفة تحصل على التوفل في اليمن