Image
  • Home
  • آراء وتحليلات
  • ترشح للعديد من الجوائز العربية “سطل” وإعادة الحياة لمباني صنعاء

ترشح للعديد من الجوائز العربية “سطل” وإعادة الحياة لمباني صنعاء

تعد الأفلام الوثائقية نوعًا من الأفلام التي تهدف إلى توثيق الواقع وسرد الأحداث الحقيقة، حيث تعتمد على التصوير الحقيقي والمواد المصورة من الواقع، وتمتاز بقدرتها على إلقاء الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية وتسليط الضوء على قصص الناس وتجاربهم، فهي تعمل على دفع المشاهدين للتفكير بأهمية الأمر والتحرك لنشر الوعي بمختلف القضايا الاجتماعية الحساسة مثل الفقر والعنف وحقوق الأنسان بالإضافة إلى الجانب السياحي والترويجي لأهم المعالم السياحية والتاريخية.

تستخدم الأفلام الوثائقية العديد من الأساليب المتنوعة لمعالجة القضايا والمشاكل المختلفة مثل العرض السردي والمقابلات واللقطات الواقعية والتعليق الصوتي من أجل تحقيق أهدافها السردية والإخبارية.

سطل والفكرة

سطل واحد من أهم الأفلام الوثائقية القصيرة من إخراج “عادل الحيمي” وتصوير “علي السنيدار” والذي يحكي قصة العم عبدالله دويله ذو ال 78 عامًا، يعمل في بناء وترميم منازل مدينة صنعاء القديمة لأكثر من 60 عام.

يقول المخرج “عادل” أن فكرة الفيلم جاءت بعد أن كان موجودًا في منزلنا للترميم، فسألناه عن بداياته في هذا العمل، فكأنت المفاجأة أنه يعمل بهذه المهنة منذ أكثر من 60 عام عندما كان في عمر ال 17، هنا كان على عاتقنا أن نظهر العلاقة بينه وبين صنعاء القديمة من خلال فيلم وثائقي. 

فيلم (سطل) واحد من الأفلام التي تشد المشاهد وتجعله يشعر بالرضاء والسلام، وتضفي على إحساسه لمسات متدفقة من الأمل والبساطة وتملأ عينيه بمناظر جميلة لمدينة صنعاء القديمة التي تحمل تاريخًا طويلًا.

من زقرقة

“أصبحنا وأصبح الملك لله” بهذه الكلمات يبدأ العم عبدالله رحلته المعتادة في أزقة صنعاء القديمة حاملًا على كتفه السلم وبيده السطل الذي يخلط به مادة الجبس لترميم المباني، حيث يشرح علاقته بمنازل صنعاء وقصته التي تبدا يوميًا من الصباح حتى غروب الشمس وهو يعمل بهذه المهنة منذ 60 عام كل ما يرافقه هو سطل الجبس والمخلبة اللذان جعلاه يحفظ كل زوايا وأركان صنعاء القديمة.

يشرح الفيلم  حياة العم عبدالله التي قضاها بين الجبس وجدران هذه المدينة القديمة التي لا يريد إلا أن يكون قريبًا منها فتلك المنازل التي بناها في الماضي بيده، يعود اليوم ليخربها ويبنيها من جديد ليعيد لها رونقها الخاص الذي ادخلها في قائمة التراث العالمي (اليونسكو) في العام 1986م وتحتوي على 106 مسجد و21 حمامًا وأكثر من 6 ألف منزل يعود تاريخها إلى ما قبل القرن الحادي عشر، إلا أنها في العام 2015م أصبحت مهددة باإزالة من قائمة التراث العالمي.

يستعرض الفيلم الجهود التي يبذلها العم في ترميم المنازل للحفاظ عليها من الاندثار من خلال مروره في شوارعها فما أن يلاحظ منزلًا متأثر بالعوامل البيئية يلبي النداء برفقة الدلو والجبس، فيشرع في مهمته النبيلة لترميم تلك المنازل القديمة التي تحمل بداخلها الذكريات والثقافة والإراث الحضاري لليمن.

رغم الخطر

يُظهر الفيلم مشاهد للعم وهو يعمل في ترميم المنازل من الخارج والداخل إلا أنه في بعض الأحيان قد يكون هذا خطر عليه عند التعلق على المنازل من الخارج ولكن حبه للعمل وللمدينة لم يوانيه مرة واحدة عن العمل، فالعم عبدالله يعيش وحيدًا في هذه المدينة وبعيدًا عن أسرته التي تعيش في القرية.

يروي الفيلم تجارب الرجل في ترميم المنازل وكيف أصبحت هذه المهمة اكثر من مجرد عمل بالنسبة له، يتحدث عن اللحظات الرائعة التي عاشها أثناء استعادة بريق هذه المباني القديمة وإعادتها إلى حالتها الأصلية، يتشارك قصصًا مؤثرة عن السكان القدامى وذكرياتهم في هذه المنازل مما يجعل مهمته أكثر أهمية وقيمة.

لخص الفيلم الوثائقي رحلة الرجل الكبير في السن في ترميم المنازل القديمة بمادة الجبس، واستعرض تحدياته وانتصاراته، وكيف أن هذه الرحلة لم تكن مجرد عمل بل مساهمة قيمة في المحافظة على التراث وتعزيز الهوية الثقافية للمدينة، وأكد على أهمية الاستمرار في الحفاظ على هذا العمل وتوثيقه للأجيال القادمة.

ترشيحات عدة

في الدول الغربية والمتقدمة عندما تتدهور صناعة أو حرفة ما وتنتهي، يختفي مكانها وسكانها ولا يبقى سوى أطلال لمبانٍ خاوية أو آثار لبشر كانوا يعيشون يوما ما هنا، اليمن واحدة من الدول التي تمتلك مخزونًا وارثًا حضاريًا منذ آلاف السنين بقى حيًا حتى اللحظة وذلك بسبب حرص المواطنين عليه باستمرار، وهذا ما سلط عليه الضوء فيلم (سطل) الذي ترشح لمهرجانات عدة وحصل على مجموعة كبيرة من الجوائز أهمها (مسابقة حكاية آثر التابعة لليونسكو في السعودية، مرحلة التصويت في مهرجان الشرقية السينمائي عُمان، جائزة الغافة البرونزية من مهرجان الغافة السينمائي عُمان، أفضل فيلم وثائقي قصير من مهرجان بغداد السينمائي العراق)، ومؤخرًا حصل الفيلم على المركز الثاني في مسابقة الجزيرة للأفلام الوثائقية القصيرة.

الملف الشخصي للكاتب

زياد الضيفي
زياد الضيفي
كاتب وصحفي - خريج كلية الإعلام

Scroll to Top