Image
  • Home
  • ريبورتاج
  • الخال عادة قديمة تتجلى في الاهتمام وتتمحور في الزيارة والنقود

الخال عادة قديمة تتجلى في الاهتمام وتتمحور في الزيارة والنقود

منذُ اللحظة الأولى التي تفتح فيها عينيك على الحياة ستجد الكثير من التفاصيل في استقبالك لتعرفك على النهج الذي انتهجه أجدادك لصناعة حياة خاصة بهم وذلك غير الأشياء الضرورية التي تستقيم بها الحياة وهذا النهج يتمثل في العادات والتقاليد التي تتوارثها الأجيال ولا يمكنك الخروج عنها بسهولة، وإذا ما خالفتها ستجد نفسك منبوذًا المجتمع، والخال واحدة من العادات والتقاليد التي توجد في بعض محافظات اليمن وتحديدًا محافظتي صنعاء والمحويت.

تكون عادة الخال عند إقامة الأعراس وتتركز في زيارة الأخوال من قبل العروس وتقدم لهم نقود رمزية كتعبير عن التقدير والمكانة التي يتمتع بها الخال في قلب ابنة أخته ويتم استقبال العروس بالألعاب النارية وتقدم لها الذبائح من قبل الأخوال احتفالا بها لمشاركتها فرحتها وجعل هذا اليوم مميزا في حياتها وحافلا بالسعادة وتعد هذه العادة من ضمن شروط الزواج والذي يتكفل بحق الخال هو العريس.

زيارة واحتفاء

في حديثه ل”نقاط”، يقول “يونس المنتصر” أن عادة الخال في محافظة المحويت تعد واحدة من أهم العادات والتقاليد التي تحضر في الأعراس ويكون موعد إقامتها قبل الزفاف بثلاثة أيام وتتمحور في تقديم النقود وزيارة الأخوال وإذا كان هناك أكثر من خال فعليها أن تزور كل  واحد منهم على حدة، فمثلًا من الصباح إلى الظهر عند خالها الأصغر ثم من بعد الظهر إلى العصر عند خالها الأكبر وهكذا، أما إذا كان جدها على قيد الحياة فيتم الاجتماع في منزله بحضور كافة الأخوال وتذبح الذبائح وتطلق الألعاب النارية احتفاء بالعروس وتعبيرا عن سعادتهم تجاهها.

 وفي يوم العرس يذهب الأخوال ويكون لهم استقبال وضيافة خاصة عن الناس الآخرين ثم يقوم الأخوال بالذهاب إلى خيمة العريس لحضور الزفة وبعدها يعودون إلى بيت العروس لأخذها والذهاب بها إلى بيت زوجها، وتعتبر هذه العادة متوارثة عندهم ولها احترامها الخاص وأهميتها الكبيرة ولا بد أن يقوم بها الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني.

مقاطعة

ويضيف “المنتصر” أنها تختلف من منطقة إلى أخرى ففي بعض المناطق يتم زفة العروس من منزل خالها وليس من منزل والدها، أما المبلغ الذي يقدم للخال فهو يختلف من أسرة إلى أخرى وإذا كان لديها أخوال كثر يتم تحديد مبلغ لكل واحد منهم ويتراوح ما بين 10 إلى 20 ألف وإذا لم يدفع للخال يقوم الخال بمقاطعة الأسرة تمامًا ولا يعترف بها ولا يحضر العرس وفي مناطق أخرى يستلم الخال النقود ويضيف عليها ويقدمها للعروس يوم زفتها، ويتم الاعلان بين الناس من قبل ما يتعارف عليه في اليمن ب”المزين” أن حق الخال مقبول مرجوع وفوقها مبلغ قدره 30 ألف على سبيل المثال، وقد يتم تحديد حق الخال من وقت الخطوبة ويكون ضمن شروط الزواج.

المحويت ليست المحافظة الوحيدة التي يقام فيها عادة الخال إذ توجد في بعض مناطق صنعاء ولا تختلف في طقوسها فقد تواصل معد المادة مع أشخاص من مناطق مختلفة في صنعاء وتوصل إلى أن الكثير قضوا على هذه العادة ولم يعد يتمسك بها إلا القليل من الناس.

وفي السياق تقول “غيداء أحمد” أن الذين ما زالوا متمسكين بحق الخال في محافظة صنعاء لا توجد عندهم زيارة خاصة للأخوال ويكتفون بدفع حق الخال وهو مبلغ يتراوح ما بين 50 إلى 100 ألف ريال وهي تعتبر عادة لها احترامها وإن لم تؤدى فقد تحدث الكثير من المشاكل بين الأسر وأبرزها المقاطعة النهائية، وتتابع أن الخال يشعر بالنقص إذا لم يستلم المبلغ المحدد له لأن الناس تستصغره وتنظر له على أنه بلا قيمة ولا يمتلك أي مكانة في المجتمع.

جاذبية وتفرق

يقول “عمرو محمد” مهتم بالعادات التقاليد إن عادة الخال لها إيجابيات وعليها سلبيات، وإذا تحدثنا عن الإيجابيات فهي تدل على قيمة ومكانة الخال في محيط البنت وأسرتها خاصة، والذي يتفق مع العريس على حق الخال هو الأب وليس الأم، وهذا يدل على أن المناطق التي تؤمن بحق الخال تكون فيها العلاقات الأسرية أكثر قربًا وجاذبية ومحبة، وهذا الشيء يساعد في الحفاظ على العلاقات الاجتماعية داخل الأسر ويمنع الفرقة والشتات مما يجعل الخال يحفظ الود لأخته ولزوجها ولأولادهما والأسرة التي تتزوج منها، وكذلك يشعر الخال بالفخر والاعتزاز بأن هناك من يقدره، وهذا الفعل يجعل الخال يقدم كل ما بوسعه لإسعاد أخته وبناتها.

أما السلبيات فمنها أنه في الحالات التي يحرم الخال من حقه فقد يؤدي إلى الزعل والهجران والمقاطعة بين أسرة الخال وأسرة أخته وقد تزداد الكراهية والبغضاء إلى الأجيال المتعاقبة من الأسرتين وينشؤ جيل متكاره لبعضه البعض، وهذه من الأسباب الكبيرة التي تؤدي إلى الفجوة بين الأسر والمجتمعات وتولد معها الفرقة والبعد الاجتماعي

عائق

ويتابع أن حق الخال من الأمور التي قد تعيق الزواج كون تحديدها يتم عند الاتفاق على المهر والشرط وتضاف قيمتها في تلك اللحظة على حساب العريس مما يزيد العبء عليه في عدم القدرة على توفير النفقات الخاصة بالزواج والذي ربما يسبب قلة الزيجات وزيادة العنوسة.

يرى الأمين الشرعي “عبد الحميد علي” أن عادة الخال من الأشياء الزائدة التي تؤرق المقبلين على الزواج، وهذا يتنافى مع الدين الإسلامي الذي يحث على تسهيل الزواج من خلال تخفيف المهور، وتعد هذه من العادات السيئة ولم ترد في الشريعة الإسلامية، وعلى المجتمع أن يكون واع في التعامل معها والقضاء عليها وأن يحرص على محاربة كل ما يضر الناس.

الملف الشخصي للكاتب

أسامة عبدالرقيب
كاتب

Scroll to Top